وضح الله تعالى في كلامه علاقة الشرك بالكفر والتحذير منهما وتحريمهما، وأهم هذه الآيات الكريمة بنسبة هذا البحث هي الآية الأولى لأن فيها نصيحة لُقمان لابنه، وتتكون النصيحة بتعريف الشرك والتحذير منه، ومعنى الآية عظيمة: “لا تشرك بالله فتظلم نفسك؛ إن الشرك لأعظم الكبائر وأشبعها”[1] كما يفسر التفسير الميسر، وقال السعدي أن مِن حكمة لُقمان أن يجمع بين الأمر والنهي في تعريف الشرك والتحذير منه لأنه “يعظه بالأمر، والنهي، المقرون بالترغيب والترهيب، فأمره بالإخلاص، ونهاه عن الشرك، وبيَّن له السبب في ذلك فقال: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}”[2]. فمِن الحكمة الأمر بنهي الشرك والموعظة الحسنة، والجمع بين ضرورة الإخلاص وخطورة الشرك، وبين الترغيب والترهيب. وأحد التفاسير المعاصرة يؤتي معنى الشرك وهو أعظم الظلم: “وإن كان الله تعالى لا يبلغُ أحدٌ ضُرَّه، بل هو الغني الحميد”[3]؛ لأن الله لا يحتاج إلى أحد من خَلقه .
حتى عن طريق نحو اللغة العربية القرآنية يِفهَم التحذير من الشرك، لأن في إعراب الجملة “لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ”، يُضَحُ أكثر تحريم الشرك عن طريق النهي كما قال درويش: “الجملة مقول القول ولا ناهية وتشرك فعل مضارع مجزوم بلا وبالله متعلقان بشرك وجملة إن الشرك تعليل للنهي لا محل لها”[4]، إذا الفعل تشرق والاسم شرك متعلقان بالناهي.
لا شك أن تحذير الشرك من أهم مسائل دراسة التوحيد، خاصة في الدعوة إلى الله تعالى في بلاد الكفر، لذلك كما قال أبو بكر الجزائري في تفسيره الله تعالى يُعطي نماذج عند لُقمان “في تقرير التوحيد والتنديد بالشرك والمشركين”[5]. والشرك متعلق بعبادة غير الله تعالى، كما قال بعض المفسرين: “{يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ} أي في عبادته أحدا”[6]، منهم ابن كثر في تفسيره: “أَوْصَاهُ أَوَّلًا بِأَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا يُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا”[7]، وحذره من الشرك. والظلم هو “وضع الشيء في غير موضعه […]، وعبادة غير الله وضع لها في غير موضعها إذ العبادة حق الله على عباده”[8]. ومعلوم أن الشرك نوعان الشرك الأكبر والأصغر، كما ورد في المفردات للراغب الأصفهاني:

اترك تعليقاً